بيانه أثناء الباب؛ وبدأ سبحانه بالسارق قبل السارقة عكس الزنى على ما نبينه آخر الباب. وقد قطع السارق في الجاهلية، وأول من حكم بقطعه في الجاهلية الوليد بن المغيرة، فأمر الله بقطعه في الإسلام، فكان أول سارق قطعه رسول الله ﷺ في الإسلام من الرجال الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، ومن النساء مرة بنت سفيان بن عبدالأسد من بن مخزوم، وقطع أبو بكر يد اليمني الذي سرق العقد؛ وقطع عمر يد ابن سمرة أخي عبدالرحمن بن سمرة ولا خلاف فيه. وظاهر الآية العموم في كل سارق وليس كذلك؛ لقوله عليه السلام "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا" فبين انه إنما أراد بقوله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ بعض السراق دون بعض؛ فلا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار، أو فيما قيمته ربع دينار؛ وهذا قول عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي رضي الله عنهم، وبه قال عمر بن عبدالعزيز والليث والشافعي وأبو ثور؛ وقال مالك: تقطع اليد في ربع دينار أو في ثلاثة دراهم، فإن سرق درهمين وهو ربع دينار لانحطاط الصرف لم تقطع يده فيهما. والعروض لا تقطع فيها إلا أن تبلغ ثلاثة دراهم قل الصرف أو كثر؛ فجعل مالك الذهب والورق كل واحد منهما أصلا بنفسه، وجعل تقويم العروض بالدراهم في المشهور. وقال أحمد وإسحاق: إن سرق ذهب فربع دينار، وإن سرق غير الذهب والفضة كانت قيمته ربع دينار أو ثلاثة دراهم من الورق. وهذا نحو ما صار إليه مال في القول الآخر؛ والحجة للأول حديث ابن عمر أن رجلا سرق جحفة، فأتي به النبي ﷺ فأمر بها فقومت بثلاثة دراهم. والشافعي حديث عائشة رضي الله عنها في الربع دينار أصلا رد إليه تقويم العروض لا بالثلاثة دراهم على غلاء الذهب ورخصه، وترك حديث ابن عمر لما رآه - والله أعلم - من اختلاف الصحابة في المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فابن عمر يقول: ثلاثة دراهم؛ وابن عباس يقول: عشرة دراهم؛ وأنس يقول: خمسة دراهم،


الصفحة التالية
Icon