القبر؛ قلت: الله ورسول أعلم قال: "عليك بالصبر" قال حماد: فبهذا قال من قال تقطع يد السارق؛ لأنه دخل على الميت بيته. وأما المسجد، فمن سرق حصره قطع؛ رواه عيسى عن ابن القاسم، وإن لم يكن للمسجد باب؛ ورآها محرزة. وإن سرق الأبواب قطع أيضا؛ وروي عن ابن القاسم أيضا إن كانت سرقته للحصر نهارا لم يقطع، وإن كان تسور عليها ليلا قطع؛ وذكر عن سحنون إن كانت حصره خيط بعضها إلى بعض قطع، وإلا لم يقطع. قال أصبغ: يقطع سارق حصر المسجد وقناديله وبلاطه، كما لو سرق بابه مستسرا أو خشبة من سقفه أو من جوائزه. وقال أشهب في كتاب محمد: لا قطع في شيء من حصر المسجد وقناديله وبلاطه.
الثامنة- واختلف العلماء هل يكون غرم مع القطع أم لا؟ فقال أبو حنيفة: لا يجتمع الغرم مع القطع بحال؛ لأن الله سبحانه قال: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ﴾ ولم يذكر غرما. وقال الشافعي: يغرم قيمة السرقة موسرا كان أو معسرا، وتكون دينا عليه إذا أيسر أداه؛ وهو قول أحمد وإسحاق. وأما علماؤنا مالك وأصحابه فقالوا: إن كانت العين قائمة ردها، وإن تلفت فإن كان موسرا غرم، وإن كان معسرا لم يتبع دينا ولم يكن عليه شيء؛ وروى مالك مثل، ذلك عن الزهري؛ قال الشيخ أبو إسحاق: وقد قيل إنه يتبع بها دينا مع القطع موسرا كان أو معسرا؛ قال: وهو قول غير واحد من علمائنا من أهل المدينة، واستدل على صحته بأنهما حقان لمستحقين فلا يسقط أحدهما الآخر كالدية والكفارة، ثم قال: وبهذا أقول. واستدل القاضي أبو الحسن للمشهور بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيم على السارق الحد فلا ضمان عليه" وأسنده في كتابه. وقال بعضهم: إن الإتباع بالغرم عقوبة، والقطع عقوبة، ولا تجتمع عقوبتان؛ وعليه عول القاضي عبدالوهاب. والصحيح قول الشافعي ومن وافقه؛ قال الشافعي: يغرم السارق ما سرق موسرا كان أو معسرا؛ قطع أو لم يقطع، وكذلك إذا قطع الطريق؛ قال: ولا يسقط


الصفحة التالية
Icon