﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. ﴿هَادُوا﴾ أي تابوا من الكفر. وقيل: فيه تقديم وتأخير؛ أي إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور للذين هادوا يحكم بها النبيون والربانيون والأحبار؛ أي يحكم بها الربانيون وهم الذين يسوسون الناس بالعلم ويربونهم بصغاره قبل كباره؛ عن ابن عباس وغيره. وقد تقدم في آل عمران. وقال أبو رزين: الربانيون العلماء الحكماء والأحبار. قال ابن عباس: هم الفقهاء: والحبر والحبر الرجل العالم وهو مأخوذ من الحبير وهو التحسين، فهم يحبرون العلم أي يبينونه ويزينونه، وهو محبر في صدورهم. قال مجاهد: الربانيون فوق العلماء. والألف واللام للمبالغة. قال الجوهري: والجبر والحبر واحد أحبار اليهود، وبالكسر أفصح: لأنه يجمع على أفعال دون الفعول؛ قال الفراء: هو جبر بالكسر يقال ذلك للعالم. وقال الثوري: سألت الفراء لم سمي الحبر حبرا؟ فقال: يقال للعالم حبر وحبر فالمعنى مداد حبر ثم حذف كما قال: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ أي أهل القرية. قال: فسألت الأصمعي يقال ليس هذا بشيء؛ إنما سمي حبرا لتأثيره، يقال: على أسنانه حبر أي صفرة أو سواد. وقال أبو العباس: سمي الحبر الذي يكتب به حبرا لأنه يحبر به أي يحقق به. وقال أبو عبيد: والذي عندي في واحد الأحبار الحبر بالفتح ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه. قال: وهكذا يرويه المحدثون كلهم بالفتح، والحبر الذي يكتب به وموضعه المحبرة بالكسر. والحبر أيضا الأثر والجمع حبور، عن يعقوب. ﴿بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ﴾ أي استودعوا من علمه. والباء متعلقة "الربانيين والأحبار" كأنه قال: والعلماء بما استحفظوا. أو تكون متعلقة بـ "يحكم" أي يحكمون بما استحفظوا. ﴿وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ أي على الكتاب بأنه من عند الله. ابن عباس: شهداء على حكم النبي ﷺ أنه في التوراة. ﴿فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ﴾ أي في إظهار صفة محمد صلى الله عليه وسلم، وإظهار الرجم. ﴿وَاخْشَوْنِ﴾ أي في كتمان ذلك؛ فالخطاب لعلماء اليهود. وقد يدخل بالمعنى كل من كتم حقا وجب عليه ولم يظهره. وتقدم معنى ﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً﴾ مستوفى.