وهذا يختلف إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يوجب الكفر؛ وإن حكم به هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين. قال القشيري: ومذهب الخوارج أن من ارتشى وحكم بغير حكم الله فهو كافر، وعزي هذا إلى الحسن والسدي. وقال الحسن أيضا: أخذ الله عز وجل على الحكام ثلاثة أشياء: ألا يتبعوا الهوى، وألا يخشوا الناس ويخشوه، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا.
٤٥- ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
فيه ثلاثون مسألة:
الأولى- قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ بين تعالى أنه سوى بين النفس والنفس في التوراة فخالفوا ذلك، فضلوا؛ فكانت دية النضيري أكثر، وكان النضيري لا يقتل بالقرظي، ويقتل به القرظي فلما جاء الإسلام راجع بنو قريظة رسول الله ﷺ فيه، فحكم بالاستواء؛ فقالت بنو النضير: قد حططت منا؛ فنزلت هذه الآية. و"كتبنا" بمعنى فرضنا. وقد تقدم. وكان شرعهم القصاص أو العفو، وما كان فيهم الدية؛ كما تقدم في ﴿البقرة﴾ بيانه. وتعلق أبو حنيفة وغيره بهذه الآية فقال: يقتل المسلم بالذمي؛ لأنه نفس بنفس، وقد تقدم في ﴿البقرة﴾ بيان هذا. وقد روى أبو داود والترمذي والنسائي عن علي رضي الله عنه أنه سئل هل خصك رسول الله ﷺ بشيء؟ فقال: لا، إلا ما في هذا، وأخرج كتابا من قراب سيفه وإذا فيه "المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ولا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده " وأيضا فإن الآية إنما جاءت


الصفحة التالية
Icon