انتظم الفرض والنفل، فصار اسم الزكاة شاملا للفرض والنفل، كاسم الصدقة وكاسم الصلاة ينتظم الأمرين.
قلت: فالمراد على هذا بالزكاة التصدق بالخاتم، وحمل لفظ الزكاة على التصدق بالخاتم فيه بعد؛ لأن الزكاة لا تأتي إلا بلفظها المختص بها وهو الزكاة المفروضة على ما تقدم بيانه في أول سورة ﴿البقرة﴾. وأيضا فإن قبله ﴿يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ ومعنى يقيمون الصلاة يأتون بها في أوقاتها بجميع حقوقها، والمراد صلاة الفرض. ثم قال: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ أي النفل. وقيل: أفرد الركوع بالذكر تشريفا. وقيل: المؤمنون وقت نزول الآية كانوا بين متمم للصلاة وبين راكع. وقال ابن خويز منداد قوله تعالى: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ تضمنت جواز العمل اليسير في الصلاة؛ وذلك أن هذا خرج مخرج المدح، وأقل ما في باب المدح أن يكون مباحا؛ وقد روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أعطى السائل شيئا وهو في الصلاة، وقد يجوز أن يكون هذه صلاة تطوع، وذلك أنه مكروه في الفرض. ويحتمل أن يكون المدح متوجها على اجتماع حالتين؛ كأنه وصف من يعتقد وجوب الصلاة والزكاة؛ فعبر عن الصلاة بالركوع، وعن الاعتقاد للوجوب بالفعل؛ كما تقول: المسلمون هم المصلون، ولا تريد أنهم في تلك الحال مصلون ولا وجه المدح حال الصلاة؛ فإنما يريد من يفعل هذا الفعل ويعتقده.
٥٦- ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي من فوض أمره إلى الله، وامتثل أمر رسوله، ووالى المسلمين، فهو من حزب الله. وقيل: أي ومن يتولى القيام بطاعة الله ونصرة رسوله والمؤمنين. ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ قال الحسن: حزب الله جند الله. وقال غيره: أنصار الله قال الشاعر:
وكيف أضوى وبلال حزبي