إذا بعث سرية قال لهم: "إذ سمعتم الأذان فأمسكوا وكفوا وإن لم تسمعوا الأذان فأغيروا - أو قال - فشنوا الغارة". وفي صحيح مسلم قال: كان رسول الله ﷺ يغير إذا طلع الفجر، فإن سمع الأذان أمسك وإلا أغار الحديث وقال عطاء ومجاهد والأوزاعي وداود: الأذان فرض، ولم يقولوا على الكفاية. قال الطبري: الأذان سنة وليس بواجب. وذكر عن أشهب عن مالك: إن ترك الأذان مسافر عمدا فعليه إعادة الصلاة. وكره الكوفيون أن يصلي المسافر بغير أذان ولا إقامة؛ قالوا: وأما ساكن المصر فيستحب له أن يؤذن ويقيم؛ فإن استجزأ بأذان الناس وإقامتهم أجزأه. وقال الثوري: تجزئه الإقامة عن الأذان في السفر، وإن شئت أذنت وأقمت. وقال أحمد بن حنبل: يؤذن المسافر على حديث مالك بن الحويرث. وقال داود: الأذان واجب على كل مسافر في خاصته والإقامة؛ لقول رسول الله ﷺ لمالك بن الحويرث ولصاحبه: "إذا كنتما في سفر فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما" خرجه البخاري وهو قول أهل الظاهر. قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله ﷺ قال لمالك بن الحويرث ولابن عم له: " إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما". قال ابن المنذر: فالأذان والإقامة واجبان على كل جماعة في الحضر والسفر؛ لأن النبي ﷺ أمر بالأذان وأمره على الوجوب. قال أبو عمر: واتفق الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور والطبري على أن المسافر إذا ترك الأذان عامدا أو ناسيا أجزأته صلاته؛ وكذلك لو ترك الإقامة عندهم، وهم أشد كراهة لتركه الإقامة. واحتج الشافعي في أن الأذان غير واجب وليس فرضا من فروض الصلاة بسقوط الأذان للواحد عند الجمع بعرفه والمزدلفة، وتحصيل مذهب مالك في الأذان في السفر كالشافعي سواء.
الرابعة- واتفق مالك والشافعي وأصحابهما على أن الأذان مثنى والإقامة مرة مرة، إلا أن الشافعي يربع التكبير الأول؛ وذلك محفوظ من روايات الثقات في حديث أبي محذورة،