والنعمة والصلة، لأن الاشتراك يقع حينئذ. بين وليه آدم وعدوه إبليس، ويبطل ما ذكر من تفضيله عليه؛ لبطلان معنى التخصيص، فلم يبق إلا أن تحمل على صفتين تعلقتا بخلق آدم تشريفا له دون خلق إبليس تعلق القدرة بالمقدور، لا من طريق المباشرة ولا من حيث المماسة؛ ومثله ما روي أنه عز اسمه وتعالى علاه وجد أنه كتب التوراة بيده، وغرس دار الكرامة بيده لأهل الجنة، وغير ذلك تعلق الصفة بمقتضاها.
قوله تعالى: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ حذفت الضمة من الياء لثقلها؛ أي غلت في الآخرة، ويجوز أن يكون دعاء عليهم، وكذا ﴿وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ والمقصود تعليمنا كما قال: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ ؛ علمنا الاستثناء كما علمنا الدعاء على أبي لهب بقوله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ وقيل: المراد أنهم أبخل الخلق؛ فلا ترى يهوديا غير لئيم. وفي الكلام علي هذا القول إضمار الواو؛ أي قالوا: يد الله مغلولة وغلت أيديهم. واللعن بالإبعاد، وقد تقدم
قوله تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ ابتداء وخبر؛ أي بل نعمته مبسوطة؛ فاليد بمعنى النعمة قال بعضهم: هذا غلط؛ لقوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ فنعم الله تعالى أكثر من أن تحصى فكيف تكون بل نعمتاه مبسوطتان؟ وأجيب بأنه يجوز أن يكون هذا تثنية جنس لا تثنية واحد مفرد؛ فيكون مثل قوله عليه السلام: "مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين". فأحد الجنسين نعمة الدنيا، والثاني نعمة في الآخرة. قيل: نعمتا الدنيا النعمة الظاهرة والنعمة الباطنة؛ كما قال: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ وروى ابن عباس عن النبي ﷺ أنه قال فيه: "النعمة الظاهرة ما حسن من خلقك، والباطنة ما ستر عليك من سيئ عملك" وقيل: نعمتاه المطر والنبات اللتان النعمة بهما ومنهما. وقيل: إن النعمة للمبالغة؛ تقول العرب: "لبيك وسعديك" وليس يريد الاقتصار على مرتين؛ وقد يقول القائل: ما لي بهذا الأمر يد أو قوة. قال السدي؛ معنى قوله ﴿يَدَاهُ﴾ قوتاه بالثواب