المجوس، ثم قال عز وجل: ﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً﴾ أي يسعون في إبطال الإسلام، وذلك من أعظم الفساد، والله أعلم. وقيل: المراد بالنار هنا نار الغضب، أي كلما أوقدوا نار الغضب في أنفسهم وتجمعوا بأبدانهم وقوة النفوس منهم باحتدام نار الغضب أطفأها الله حتى يعفوا؛ وذلك بما جعله من الرعب نصرة بين يدي نبيه صلى الله عليه وسلم.
٦٥- ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾
٦٦- ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ ﴿أَنَّ﴾ في موضع رفع، وكذا ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ﴾. ﴿آمَنُوا﴾ صدقوا. ﴿وَاتَّقَوْا﴾ أي الشرك والمعاصي. ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ﴾ اللام جواب ﴿وَلَوْ﴾. وكفرنا غطينا، وقد تقدم. وإقامة التوراة والإنجيل العمل بمقتضاهما وعدم تحريفهما؛ وقد تقدم هذا المعنى في ﴿البقرة﴾ مستوفى. ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ أي القرآن. وقيل: كتب أنبيائهم. ﴿لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ قال ابن عباس وغيره: يعني المطر والنبات؛ وهذا يدل على أنهم كانوا في جدب. وقيل: المعنى لوسعنا عليهم في أرزاقهم ولأكلوا أكلا متواصلا؛ وذكر فوق وتحت للمبالغة فيما يفتح عليهم من الدنيا؛ ونظير هذه الآية ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾، ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾ ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ فجعل تعالى التقى من أسباب الرزق كما في هذه الآيات، ووعد بالمزيد لمن شكر فقال: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ ثم أخبر تعالى أن منهم مقتصدا - وهم المؤمنون منهم كالنجاشي وسلمان وعبدالله بن سلام - اقتصدوا فلم


الصفحة التالية
Icon