قوله تعالى: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ﴾ دليل على إخلاص إيمانهم وصدق مقالهم؛ فأجاب الله سؤالهم وحقق طمعهم - وهكذا من خلص إيمانه وصدق يقينه يكون ثوابه الجنة. ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من اليهود والنصارى ومن المشركين ﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ والجحيم النار الشديدة الاتقاد. يقال: جحم فلان النار إذا شدد إيقادها. ويقال أيضا لعين الأسد: جحمة؛ لشدة اتقادها. ويقال ذلك للحرب قال الشاعر:
والحرب لا يبقى لجا... حمها التخيل والمراح
إلا الفتى الصبار في... النجدات والفرس الوقاح
٨٧- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا﴾ فيه خمس مسائل:
الأولى- أسند الطبري إلى ابن عباس أن الآية نزلت بسبب رجل أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إني إذا أصبت من اللحم انتشرت وأخذتني شهوتي فحرمت اللحم؛ فأنزل الله هذه الآية. وقيل: إنها نزلت بسبب جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ منهم أبو بكر وعلي وابن مسعود وعبدالله بن عمر وأبو ذر الغفاري وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد بن الأسود وسلمان الفارسي ومعقل بن مقرن رضي الله عنهم، اجتمعوا في دار عثمان بن مظعون، واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش، ولا يأكلوا اللحم ولا الودك ولا يقربوا النساء والطيب، ويلبسوا المسوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض، ويترهبوا ويجبوا المذاكير؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية. والأخبار بهذا المعنى كثيرة وإن لم يكن فيها ذكر النزول وهي:


الصفحة التالية
Icon