أكلها وشربها ألبانها والدفء بأصوافها - إلى غير ذلك مما امتن به - كبير فائدة، فلو كان ما ذهبوا إليه فيه الفضل لكان أولى به رسول الله ﷺ وأصحابه ومن بعدهم من التابعين والعلماء، وقد نهى النبي ﷺ عن الوصال مخافة الضعف على الأبدان، ونهى عن إضاعة المال ردا على الأغنياء الجهال.
قوله تعالى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾ أي يدعون ويذلون، مأخوذ من الضراعة وهي الذلة؛ يقال: ضر فهو ضارع.
٤٣- ﴿فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
٤٤- ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾
٤٥- ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ ﴿لَوْلا﴾ تخصيص، وهي التي تلي الفعل بمعنى هلا؛ وهذا عتاب على ترك الدعاء، وإخبار عنهم أنهم لم يتضرعوا حين نزول العذاب. ويجوز أن يكونوا تضرعوا تضرع من لم يخلص، أو تضرعوا حين لابسهم العذاب، والتضرع على هذه الوجوه غير نافع. والدعاء مأمور ب حال الرخاء والشدة؛ قال الله تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ أي دعائي ﴿سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ وهذا وعيد شديد. ﴿وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أي صلبت وغلظت، وهي عبارة عن الكفر والإصرار على المعصية، نسأل الله العافية. ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي أغواهم بالمعاصي وحملهم عليها.


الصفحة التالية
Icon