كان هذا لأمر شريح بن ضبيعة البكري - ويلقب بالحطم - أخذته جند رسول الله ﷺ وهو في عمرته فنزلت هذه الآية، ثم نسخ هذا الحكم كما. ذكرنا. وأدرك الحطم هذا ردة اليمامة فقتل مرتدا وقد روي من خبره أنه أتى النبي ﷺ بالمدينة، وخلف خيله خارج المدينة فقال: إلام تدعو الناس ؟ فقال: "إلى شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة" فقال: حسن، إلا أن لي أمراء لا أقطع أمرا دونهم ولعلي أسلم وآتي بهم، وقد كان النبي ﷺ قال لأصحابه: "يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان" ثم خرج من عنده فقال عليه الصلاة والسلام: "لقد دخل بوجه كافر وخرج بقفا غادر وما الرجل بمسلم"
فمر بسرح المدينة فاستاقه؛ فطلبوه فعجزوا عنه، فانطلق وهو يقول:

قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل ولا غنم
ولا بجزار على ظهر وضم باتوا نياما وابن هند لم ينم
بات يقاسيها غلام كالزلم خدلج الساقين خفاق القدم
فلما خرج النبي ﷺ عام القضية سمع تلبية حجاج اليمامة فقال: "هذا الحطم وأصحابه". وكان قد قلد ما نهب من سرح المدينة وأهداه إلى مكة، فتوجهوا في طلبه؛ فنزلت الآية، أي لا تحلوا ما أشعر لله وإن كانوا مشركين؛ ذكره ابن عباس.
التاسعة- وعلى أن الآية محكمة قوله تعالى: ﴿ لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ ﴾ يوجب إتمام أمور المناسك؛ ولهذا قال العلماء: إن الرجل إذا دخل في الحج ثم أفسده فعليه أن يأتي بجميع أفعال الحج، ولا يجوز أن يترك شيئا منها وإن فسد حجه؛ ثم عليه القضاء في السنة الثانية قال أبو الليث السمرقندي: وقوله تعالى: ﴿ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ﴾ منسوخ بقوله: ﴿ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً ﴾ وقوله: ﴿ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ ﴾ محكم لم ينسخ؛ فكل من قلد الهدي


الصفحة التالية
Icon