وقال الأخفش: أي ولا يحقنكم. وقال أبو عبيدة والفراء: معنى ﴿ لا يَجْرِمَنَّكُمْ ﴾ أي لا يكسبنكم بغض قوم أن تعتدوا الحق إلى الباطل، والعدل إلى الظلم، قال عليه السلام: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" وقد مضى القول في هذا. ونظير هذه الآية ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ وقد تقدم مستوفى. ويقال: فلان جريمة أهله أي كاسبهم، فالجريمة والجارم بمعنى الكاسب وأجرم فلان أي أكتسب الإثم. ومنه قول الشاعر:

جريمة ناهض في رأس نيق ترى لعظام ما جمعت صليبا
معناه كاسب قوت، والصليب الودك، وهذا هو الأصل في بناء ج ر م. قال ابن فارس: يقال جرم وأجرم، ولا جرم بمنزلة قولك: لا بد ولا محالة؛ وأصلها من جرم أي أكتسب، قال:
جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
وقال آخر:
يا أيها المشتكي عكلا وما جرمت إلى القبائل من قتل وإباس
ويقال: جرم يجرم جرما إذا قطع؛ قال الرماني علي بن عيسى: وهو الأصل؛ فجرم بمعنى حمل على الشيء لقطعه من غيره، وجرم بمعنى كسب لانقطاعه إلى الكسب، وجرم بمعنى حق لأن الحق يقطع عليه. وقال الخليل: ﴿ لاَجَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ ﴾ لقد حق أن لهم العذاب. وقال الكسائي: جرم وأجرم لغتان بمعنى واحد، أي أكتسب. وقرأ ابن مسعود ﴿ يُجْرِمَنَّكُمْ ﴾ بضم الياء، والمعنى أيضا لا يكسبنكم؛ ولا يعرف البصريون الضم، وإنما يقولون: جرم لا غير. والشنآن البغض. وقرئ بفتح النون وإسكانها؛ يقال: شنئت الرجل أشنؤه شنأ وشنأة وشنانا


الصفحة التالية
Icon