أن الجنين إذا خرج حيا أن ذكاة أمه ليست بذكاة له، واختلفوا إذا ذكيت الأم وفي بطنها جنين؛ فقال مالك وجميع أصحابه: ذكاته ذكاة أمه إذا كان قد تم خلقه ونبت شعره، وذلك إذا خرج ميتا أو خرج به رمق من الحياة، غير أنه يستحب أن يذبح إن خرج يتحرك، فإن سبقهم بنفسه أكل. وقال ابن القاسم: ضحيت بنعجة فلما ذبحتها جعل يركض ولدها في بطنها فأمرتهم أن يتركوها حتى يموت في بطنها، ثم أمرتهم فشقوا جوفها فأخرج منه فذبحته فسال منه دم؛ فأمرت أهلي أن يشووه. وقال عبدالله بن كعب بن مالك. كان أصحاب رسول الله ﷺ يقولون: إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه. قال ابن المنذر: وممن قال ذكاته ذكاة أمه ولم يذكر أشعر أو لم يشعر علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسعيد بن المسيب والشافعي وأحمد وإسحاق. قال القاضي أبو الوليد الباجي: وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال: "ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر" إلا أنه حديث ضعيف؛ فمذهب مالك هو الصحيح من الأقوال الذي عليه عامة فقهاء الأمصار. وبالله التوفيق
التاسعة: قوله تعالى: ﴿ ذَكَّيْتُمْ ﴾ الذكاة في اللغة أصلها التمام، ومنه تمام السن. والفرس المذكى الذي يأتي بعد تمام القروح بسنة، وذلك تمام استكمال القوة. ويقال: ذكى يذكي، والعرب تقول: جري المذكيات غلاب. والذكاء حدة القلب؛ وقال الشاعر:
يفضله إذا اجتهدوا عليه | تمام السن منه والذكاء |