الهلاك. واقع ببعض القوم؛ فيكون التقدير: وكم من قرية أهلكنا بعضها فجاءها بأسنا فأهلكنا الجميع. وقيل: المعنى وكم من قرية أهلكناها في حكمنا فجاءها بأسنا. وقيل: أهلكناها بإرسالنا ملائكة العذاب إليها، فجاءها بأسنا وهو الاستئصال. والبأس، العذاب الآتي على النفس. وقيل: المعنى أهلكناها فكان إهلاكنا إياهم في وقت كذا؛ فمجيء البأس على هذا هو الإهلاك. وقيل: البأس غير الإهلاك؛ كما ذكرنا. وحكى الفراء أيضا أنه إذا كان معنى الفعلين واحدا أو كالواحد قدمت أيهما شئت؛ فيكون المعنى وكم من قرية جاءها بأسنا فأهلكناها؛ مثل دنا فقرب، وقرب فدنا، وشتمني فأساء، وأساء فشتمني؛ لأن الإساءة والشتم شيء واحد. وكذلك قوله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١]. المعنى - والله أعلم - انشق القمر فاقتربت الساعة. والمعنى واحد. ﴿بَيَاتاً﴾ أي ليلا؛ ومنه البيت، لأنه يبات فيه. يقال: بات يبيت بيتا وبياتا. ﴿أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ أي أو وهم قائلون، فاستثقلوا فحذفوا الواو؛ قاله الفراء. وقال الزجاج: هذا خطأ، إذا عاد الذكر استغني عن الواو، تقول: جاءني زيد راكبا أو هو ماش، ولا يحتاج إلى الواو. قال المهدوي: ولم يقل بياتا أو وهم قائلون لأن في الجملة ضميرا يرجع إلى الأول فاستغني عن الواو. وهو معنى قول الزجاج سواء، وليس أو للشك بل للتفصيل؛ كقولك: لأكرمنك منصفا لي أو ظالما. وهذه الواو تسمى عند النحويين واو الوقت. و﴿قَائِلُونَ﴾ من القائلة وهي القيلولة؛ وهي نوم نصف النهار. وقيل: الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر وإن لم يكن معها نوم. والمعنى جاءهم عذابنا وهم غافلون إما ليلا وإما نهارا. والدعوى الدعاء؛ ومنه قوله: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ﴾ [يونس: ١٠]. وحكى النحويون: اللهم أشركنا في صالح دعوى من دعاك. وقد تكون الدعوى بمعنى الادعاء. والمعنى: أنهم لم يخلصوا عند الإهلاك إلا على الإقرار بأنهم كانوا ظالمين. و﴿دَعْوَاهُمْ﴾في موضع نصب خبر كان، واسمها ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾. نظيره ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ [النمل: ٥٦]