أنظره إلى النفخة الأولى حيث يموت الخلق كلهم. وكان طلب الإنظار إلى النفخة الثانية حيث يقوم الناس لرب العالمين؛ فأبى الله ذلك عليه. وقال: ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ ولم يتقدم من يبعث؛ لأن القصة في آدم وذريته، فدلت القرينة على أنهم هم المبعوثون.
الآيتان: ١٦ - ١٧ ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾
فيه ثلاث مسائل:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ الإغواء إيقاع الغي في القلب؛ أي فبما أوقعت في قلبي من الغي والعناد والاستكبار. وهذا لأن كفر إبليس ليس كفر جهل؛ بل هو كفر عناد واستكبار. قيل: معنى الكلام القسم، أي فبإغوائك إياي لأقعدن لهم على صراطك، أو في صراطك؛ فحذف. دليل على هذا القول قوله في ﴿ص﴾: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٢] فكأن إبليس أعظم قدر إغواء الله إياه لما فيه من التسليط على العباد، فأقسم به إعظاما لقدره عنده. وقيل: الباء بمعنى اللام، كأنه قال: فلإغوائك إياي. وقيل: هي بمعنى مع، والمعنى فمع إغوائك إياي. وقيل: هو استفهام، كأنه سأل بأي شيء أغواه؟. وكان ينبغي على هذا أن يكون: فبم أغويتني؟. وقيل: المعنى فبما أهلكتني بلعنك إياي. والإغواء الإهلاك، قال الله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً﴾ [مريم: ٥٩] أي هلاكا. وقيل: فبما أضللتني. والإغواء: الإضلال والإبعاد؛ قال ابن عباس. وقيل: خيبتني من رحمتك؛ ومنه قول الشاعر:
ومن يغو لا يعدم عل الغي لائما


الصفحة التالية
Icon