وشد الصاد. والأصل ﴿يَخْتَصِفَانِ﴾ فأدغم، وكسر الخاء لالتقاء الساكنين. وقرأ ابن بريدة ويعقوب بفتح الخاء، ألقيا حركة التاء عليها. ويجوز ﴿يُخصِّفان﴾ بضم الياء، من خصف يخصف. وقرأ الزهري ﴿يُخصِفانِ﴾ من أخصف. وكلاهما منقول بالهمزة أو التضعيف والمعنى: يقطعان الورق ويلزقانه ليستترا به، ومنه خصف النعل. والخصاف الذي يرقعها. والمخصف المثقب. قال ابن عباس: هو ورق التين. ويروى أن آدم عليه السلام لما بدت سوأته وظهرت عورته طاف على أشجار الجنة يسل منها ورقة يغطي بها عورته؛ فزجرته أشجار الجنة حتى رحمته شجرة التين فأعطته ورقة. فـ ﴿طَفِقَا﴾ يعني آدم وحواء ﴿يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ فكافأ الله التين بأن سوى ظاهره وباطنه في الحلاوة والمنفعة وأعطاه ثمرتين في عام واحد مرتين.
الثالثة: وفي الآية دليل على قبح كشف العورة، وأن الله أوجب عليهما الستر؛ ولذلك ابتدرا إلى سترها، ولا يمتنع أن يؤمرا بذلك في الجنة؛ كما قيل لهما: ﴿وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾. وقد حكى صاحب البيان عن الشافعي أن من لم يجد ما يستر به عورته إلا ورق الشجر لزمه أن يستتر بذلك؛ لأنه سترة ظاهرة يمكنه التستر بها؛ كما فعل آدم في الجنة. والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ أي قال لهما: ألم أنهكما. قالا ربنا نداء مضاف. والأصل يا ربنا. وقيل. إن في حذف ﴿يا﴾ معنى التعظيم. فاعترفا بالخطيئة وتابا صلى الله عليهما وسلم وقد مضى في "البقرة". ومعنى قوله: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا﴾ تقدم أيضا إلى آخر الآية.
الآية: ٢٥ ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾
الضمائر كلها للأرض. ولم يذكر الواو في قَالَ ﴿قَالَ﴾، ولو ذكرها لجاز أيضا. وهو كقولك: قال زيد لعمرو كذا قال له كذا.