قوله تعالى: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾ قال ابن عباس: لا إله إلا الله. وقيل: القسط العدل؛ أي أمر: العدل فأطيعوه. ففي الكلام حذف. ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ﴾ أي توجهوا إليه في كل صلاة إلى القبلة. ﴿عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ أي في أي مسجد كنتم. ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ أي وحدوه ولا تشركوا به. ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾ نظيره ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ٩٤] وقد تقدم. والكاف في موضع نصب؛ أي تعودون كما بدأكم؛ أي كما خلقكم أول مرة يعيدكم. وقال الزجاج: هو متعلق بما قبله. أي ومنها تخرجون كما بدأكم تعودون.
الآية: ٣٠ ﴿فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿فَرِيقاً هَدَى﴾ ﴿فَرِيقاً﴾ نصب على الحال من المضمر في ﴿تَعُودُونَ﴾ أي تعودون فريقين: سعداء، وأشقياء. يقوي هذا قراءة أبي ﴿تعودون فريقينِ فريقاً هدى وفريقاً حق عليهِم الضلالة﴾ ؛ عن الكسائي. وقال محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى ﴿فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ قال: من ابتدأ الله خلقه للضلالة صيره إلى الضلالة، وإن عمل بأعمال الهدى. ومن ابتدأ الله خلقه على الهدى صيره إلى الهدى، وإن عمل بأعمال الضلالة. ابتدأ الله خلق إبليس على الضلالة، وعمل بأعمال السعادة مع الملائكة، ثم رده الله إلى ما ابتدأ عليه خلقه. قال: ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٣٤] وفي هذا رد واضح على القدرية ومن تابعهم. وقيل: ﴿فَرِيقاً﴾ نصب بـ ﴿هَدَى﴾، ﴿وَفَرِيقاً﴾ الثاني نصب بإضمار فعل؛ أي وأضل فريقا. وأنشد سيبويه:

أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
قال الفراء: ولو كان مرفوعا لجاز. ﴿إنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونَ اللهِ﴾ وقرأ عيسى بن عمر: ﴿أنهم﴾ بفتح الهمزة، يعني لأنهم.
الآية: ٣١ ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾


الصفحة التالية
Icon