خالصة يوم القيامة. فخالصة مستأنف على خبر مبتدأ مضمر. وهذا قول ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة والسدي وابن جريج وابن زيد. وقيل: المعنى أن هذه الطيبات الموجودات في الدنيا هي خالصة يوم القيامة، للمؤمنين في الدنيا؛ وخلوصها أنهم لا يعاقبون عليها ولا يعذبون فقوله: ﴿فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ متعلق بـ ﴿آمَنُوا﴾. وإلى هذا يشير تفسير سعيد بن جبير. وقرأ الباقون بالنصب على الحال والقطع؛ لأن الكلام قد تم دونه. ولا يجوز الوقف على هذه القراءة على ﴿الدُّنْيَا﴾. لأن ما بعده متعلق بقول ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ حال منه؛ بتقدير قل هي ثابتة للذين آمنوا في الحياة الدنيا في حال خلوصها لهم يوم القيامة؛ قاله أبو علي. وخبر الابتداء ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ والعالم في الحال ما في اللام من معنى الفعل في قوله: ﴿لِلَّذِينَ﴾ واختار سيبويه النصب لتقدم الظرف. ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ﴾ أي كالذي فصلت لكم الحلال والحرام أفصل لكم ما تحتاجون إليه.
الآية: ٣٣ ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾
فيه مسألة واحدة:
قال الكلبي: لما لبس المسلمون الثياب وطافوا بالبيت غيرهم المشركون؛ فنزلت هذه الآية. والفواحش: الأعمال المفرطة في القبح، ما ظهر منها وما بطن. وروى روح بن عبادة عن زكريا بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ نكاح الأمهات في الجاهلية. ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ الزنى. وقال قتادة: سرها وعلانيتها. وهذا فيه نظر؛ فإنه ذكر الإثم والبغي فدل أن المراد بالفواحش. بعضها، وإذا كان كذلك فالظاهر من الفواحش الزنى. والله أعلم. ﴿وَالْأِثْمَ﴾ قال الحسن: الخمر. قال الشاعر:
شربت الإثم حتى ضل عقلي | كذاك الإثم تذهب بالعقول |