قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا﴾ أي من العذاب. ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ أي الزلزلة الشديدة. وقيل: كان صيحة شديدة خلعت قلوبهم؛ كما في قصة ثمود في سورة "هود" في قصة ثمود فأخذتهم الصيحة. يقال: رجف الشيء يرجف رجفا رجفانا. وأرجفت الريح الشجر حركته. وأصله حركة مع صوت؛ ومنه قوله تعالى ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات: ٦] قال الشاعر:

ولما رأيت الحج قد آن وقته وظلت مطايا القوم بالقوم ترجف
قوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ﴾ أي بلدهم. وقيل: وحد على طريق الجنس، والمعنى: في دورهم. وقال في موضع آخر: ﴿فِي دِيَارِهِمْ﴾ [هود: ٦٧] أي ف-ي منازلهم. ﴿جَاثِمِينَ﴾ أي لاصقين بالأرض على ركبهم ووجوههم؛ كما يجثم الطائر. أي صاروا خامدين من شدة العذاب. وأصل الجثوم للأرنب وشبهها، والموضع مجثم. قال زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
وقيل: احترقوا بالصاعقة فأصبحوا ميتين، إلا رجلا واحدا كان في حرم الله؛ فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه. ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ﴾ أي عند اليأس منهم. ﴿يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾ يحتمل أنه قال ذلك قبل موتهم. ويحتمل أنه قال بعد موتهم؛ كقوله عليه السلام لقتلى بدر: "هل وجدتم ما وعد ربكم حقا" فقيل: أتكلم هؤلاء الجيف ؟ فقال: "ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يقدرون على الجواب". والأول أظهر. يدل عليه ﴿وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ﴾ أي لم تقبلوا نصحي.
الآية: ٨٠ ﴿وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾
فيه أربع مسائل:-


الصفحة التالية
Icon