الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: ٣٤] ولم يقل أفهم. وقال: ﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٤٤] ولم يقل انقلبتم. وهذا من أقبح الغلط لأنهما شبها شيئين بما لا يشتبهان؛ لأن الشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد كالمبتدأ والخبر؛ فلا يجوز أن يكون فيهما استفهامان. فلا يجوز: أفإن مت أفهم، كما لا يجوز أزيد أمنطلق. وقصة لوط عليه السلام فيها جملتان، فلك أن تستفهم عن كل واحدة منهما. هذا قول الخليل وسيبويه، واختاره النحاس ومكي وغيرهما ﴿شَهْوَةً﴾ نصب على المصدر، أي تشتهونهم شهوة. ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال. ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ نظيرة ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [الشعراء: ١٦٦] في جمعكم إلى الشرك هذه الفاحشة.
الآيتان: ٨٢ - ٨٣ ﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ، فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ﴾ أي لوطا وأتباعه. ومعنى ﴿يَتَطَهَّرُونَ﴾ عن الإتيان في هذا المأتى. يقال: تطهر الرجل أي تنزه عن الإثم. قال قتادة: عابوهم والله بغير عيب. ﴿مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ أي الباقين في عذاب الله؛ قال ابن عباس وقتادة. غبر الشيء إذا مضى، وغبر إذا بقي. وهو من الأضداد. وقال قوم: الماضي عابر بالعين غير معجمة. والباقي غابر بالغين معجمة. حكاه ابن فارس في المجمل. وقال الزجاج: ﴿مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ أي من الغائبين عن النجاة وقيل: لطول عمرها. قال النحاس: وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى من المعمرين؛ أي أنها قد هرمت. والأكثر في اللغة أن يكون الغابر الباقي؛ قال الراجز:
فما ونى محمد مذ أن غفر | له الإله ما مضى وما غبر |