اجعلها عليهم سنين كسني يوسف". ومن العرب من يعرب النون في السنين؛ وأنشد الفراء:

أرى مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال
قال النحاس: وأنشد سيبويه هذا البيت بفتح النون؛ ولكن أنشد في هذا ما لا يجوز غيره، وهو قوله:
وقد جاوزت رأس الأربعين
وحكى الفراء عن بني عامر أنهم يقولون: أقمت عنده سنينا يا هذا؛ مصروفا. قال: وبنو تميم لا يصرفون ويقولون: مضت له سنين يا هذا. وسنين جمع سنة، والسنة هنا بمعنى الجدب لا بمعنى الحول. ومنه أسنت القوم أي أجدبوا. قال عبدالله بن الزبعرى:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ أي ليتعظوا وترق قلوبهم.
الآية: ١٣١ ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾
فيه مسألتان:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ﴾ أي الخصب والسعة. ﴿قَالُوا لَنَا هَذِهِ﴾ أي أعطيناها باستحقاق. ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ أي قحط ومرض وهي المسألة:
الثانية: ﴿يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾ أي يتشاءموا به. نظيره ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾ [النساء: ٧٨]. والأصل ﴿يتطيروا﴾ أدغمت التاء في الطاء. وقرأ طلحة: ﴿تطيّروا﴾ على أنه فعل ماض. والأصل في هذا من الطيرة وزجر الطير، ثم كثر استعمالهم حتى قيل لكل


الصفحة التالية
Icon