﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ﴾ [طه: ٨٥]. فلما رجع إلى قومه ورأى العجل منصوبا للعبادة وله خوار قال ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا﴾ أي بالفتنة. ﴿مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ﴾ وهذا رد على القدرية.
الآية: ١٥٦ ﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ أي وفقنا للأعمال الصالحة التي تكتب لنا بها الحسنات. ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ أي جزاء عليها. ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾ أي تبنا؛ قاله مجاهد وأبو العالية وقتادة. والهود: التوبة؛ وقد تقدم في "البقرة".
قوله تعالى: ﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ﴾ أي المستحقين له، أي هذه الرجفة والصاعقة عذاب مني أصيب به من أشاء. وقيل: المعنى ﴿مَنْ أَشَاءُ﴾ أي من أشاء أن أضله.
قوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ عموم، أي لا نهاية لها، أي من دخل فيها لم تعجز عنه. وقيل: وسعت كل شيء من الخلق حتى إن البهيمة لها رحمة وعطف على ولدها. قال بعض المفسرين: طمع في هذه الآية كل شيء حتى إبليس، فقال: أنا شيء؛ فقال الله تعالى: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ فقالت اليهود والنصارى: نحن متقون؛ فقال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾ [الأعراف: ١٥٧] الآية. فخرجت الآية عن العموم، والحمد لله. روى حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كتبها الله عز وجل لهذه الأمة.