وفد ببني إسرائيل فقال الله لهم: إني قد جعلت لكم الأرض مسجدا حيثما صليتم فيها تقبلت صلاتكم إلا في ثلاثة مواطن من صلى فيمن لم أقبل صلاته المقبرة والحمام والمرحاض. قالوا: لا، إلا في الكنيسة. قال: وجعلت لكم التراب طهورا إذا لم تجدوا الماء. قالوا: لا، إلا بالماء. قال: وجعلت لكم حيثما صلى الرجل فكان وحده تقبلت صلاته. قالوا: لا، إلا في جماعة.
الثانية: قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾ هذه الألفاظ كما ذكرنا أخرجت اليهود والنصارى من الاشتراك الذي يظهر في، قوله: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ وخلصت هذه العدة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن عباس وابن جبير وغيرهما. و ﴿يَتَّبِعُونَ﴾ يعني في شرعه ودينه وما جاء به. والرسول والنبي ﷺ اسمان لمعنيين؛ فإن الرسول أخص من النبي. وقدم الرسول اهتماما بمعنى الرسالة، وإلا فمعنى النبوة هو المتقدم؛ ولذلك رد رسول الله ﷺ على البراء حين قال: وبرسولك الذي أرسلت. فقال له: "قل آمنت بنبيك الذي أرسلت" خرجه في الصحيح. وأيضا فإن في قوله: "وبرسولك الذي أرسلت" تكرير الرسالة؛ وهو معنى واحد فيكون كالحشو الذي لا فائدة فيه. بخلاف قوله: "ونبيك الذي أرسلت" فإنهما لا تكرار فيهما. وعلى هذا فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا؛ لأن الرسول والنبي قد اشتركا في أمر عام وهو النبأ، وافترقا في أمر خاص وهي الرسالة. فإذا قلت: محمد رسول من عند الله تضمن ذلك أنه نبي ورسول الله. وكذلك غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.
الثالثة: قوله تعالى: ﴿الْأُمِّيَّ﴾ هو منسوب إلى الأمة الأمية، التي هي على أصل ولادتها، لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها؛ قال ابن عزيز. وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان نبيكم ﷺ أميا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ [العنكبوت: ٤٨]. وروي في الصحيح عن ابن عمر عن