فليس كعهد الدار يا أم مالك... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
عاد الفتى كالكهل ليس بقائل... سوى العدل شيئا فاستراح العواذل
فشبه حدود الإسلام وموانعه عن التخطي إلى المحظورات بالسلاسل المحيطات بالرقاب. ومن هذا المعنى قول أبي أحمد بن جحش لأبي سفيان:
اذهب بها اذهب بها... طوقتها طوق الحمامه
أي لزمك عارها. يقال: طوق فلان كذا إذا لزمه.
التاسعة: إن قيل: كيف عطف الأغلال وهو جمع على الإصر وهو مفرد؛ فالجواب أن الإصر مصدر يقع على الكثرة. وقرأ ابن عامر ﴿آصارهم﴾ بالجمع؛ مثل أعمالهم. فجمعه لاختلاف ضروب المآثم. والباقون بالتوحيد؛ لأنه مصدر يقع على القليل والكثير من جنسه مع إفراد لفظه. وقد أجمعوا على التوحيد في قوله: ﴿وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً﴾ [البقرة: ٢٨٦]. وهكذا كلما يرد عليك من هذا المعنى؛ مثل ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ [البقرة: ٧]. ﴿لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾ [إبراهيم: ٤٣]. و ﴿مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: ٤٥]. كله بمعنى الجمع.
قوله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ﴾ أي وقروه ونصروه. قال الأخفش: وقرأ الجحدري وعيسى ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾ بالتخفيف. وكذا ﴿وَعَزَّرْتُمُوهُمْ﴾ [المائدة: ١٢]. يقال: عزره يعزره ويعزره. ﴿وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾ القرآن ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ﴿الفَلاَحُ﴾ الظفر بالمطلوب. وقد تقدم هذا.
الآية: ١٥٨ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon