أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ، وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
فيه ست مسائل:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ﴾ أي واذكر لهم مع ما سبق من تذكير المواثيق في كتابهم ما أخذت من المواثيق من العباد يوم الذر. وهذه آية مشكلة، وقد تكلم العلماء في تأويلها وأحكامها، فنذكر ما ذكروه من ذلك حسب ما وقفنا عليه فقال قوم: معنى الآية أن الله تعالى أخرج من ظهور بني آدم بعضهم من بعض ﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ دلهم بخلقه على توحيده؛ لأن كل بالغ يعلم ضرورة أن له ربا واحدا. ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ أي قال. فقام ذلك مقام الإشهاد عليهم، والإقرار منهم؛ كما قال تعالى في السماوات والأرض: ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١]. ذهب إلى هذا القفال وأطنب. وقيل: إنه سبحانه أخرج الأرواح قبل خلق الأجساد، وإنه جعل فيها من المعرفة ما علمت به ما خاطبها.
قلت: وفي الحديث عن النبي ﷺ غير هذين القولين، وأنه تعالى أخرج الأشباح فيها الأرواح من ظهر آدم عليه السلام. وروى مالك في موطئه أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه سئل عن هذه الآية ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ فقال عمر رضي الله عنه: سمعت رسول الله ﷺ يسأل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت