"صدقت". وعلم ذلك العباس بحديث أصحاب النبي ﷺ وبما كان من شأن بدر، فسمع ذلك في أثناء الحديث.
الثالثة: روى مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ ترك قتلى بدر ثلاثا، ثم قام عليهم فناداهم فقال: "يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا". فسمع عمر قول النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، كيف يسمعون، وأنى يجيبون وقد جيفوا؟ قال: "والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا". ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في القليب، قليب بدر. ﴿جيفوا﴾ بفتح الجيم والياء، ومعناه أنتنوا فصاروا جيفا. وقول عمر: ﴿يسمعون﴾ استبعاد على ما جرت به حكم العادة. فأجابه النبي ﷺ بأنهم يسمعون كسمع الأحياء. وفي هذا ما يدل على أن الموت ليس بعدم محض ولا فناء صرف، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته، وحيلولة بينهما، وتبدل حال وانتقال من دار إلى دار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم" الحديث. أخرجه الصحيح.
قوله تعالى: ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾ الضمير في ﴿بِهِ﴾ عائد على الماء الذي شد دهس الوادي، كما تقوم. وقيل: هو عائد على ربط القلوب؛ فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في موطن الحرب.
الآية: ١٢ ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾