جبريل عليهما السلام؛ فقلت: هذا دحية يا رسول الله ؟ فقال: "هذا جبريل عليه السلام". قال: "يا رسول الله ما يمنعك من بني قريظة أن تأتيهم"؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فكيف لي بحصنهم"؟ فقال جبريل: "فإني أدخل فرسي هذا عليهم". فركب رسول الله ﷺ فرسا معروري؛ فلما رآه علي رضي الله عنه قال: يا رسول الله، لا عليك ألا تأتيهم، فإنهم يشتمونك. فقال: "كلا إنها ستكون تحية". فأتاهم النبي ﷺ فقال: "يا إخوة القردة والخنازير" فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت فحاشا! فقالوا: لا ننزل على حكم محمد، ولكنا ننزل على حكم سعد بن معاذ؛ فنزل. فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بذلك طرقني الملك سحرا". فنزل فيهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. نزلت في أبي لبابة، أشار إلى بني قريظة حين قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ، لا تفعلوا فإنه الذبح، وأشار إلى حلقه. وقيل: نزلت الآية في أنهم يسمعون الشيء من النبي ﷺ فيلقونه إلى المشركين ويفشونه. وقيل: المعنى بغلول الغنائم. ونسبتها إلى الله؛ لأنه هو الذي أمر بقسمتها. وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه المؤدي عن الله عز وجل والقيم بها. والخيانة: الغدر وإخفاء الشيء؛ ومنه: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ [غافر: ١٩] وكان عليه السلام يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ومن الخيانة فإنها بئست البطانة". خرجه النسائي عن أبي هريرة قال: كان رسول الله ﷺ يقول؛ فذكره. ﴿وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ﴾ في موضع جزم، نسقا على الأول. وقد يكون على الجواب؛ كما يقال: لا تأكل السمك وتشرب اللبن. والأمانات: الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد. وسميت أمانة لأنها يؤمن معها من منع الحق؛ مأخوذة من الأمن. وقد تقدم في "النساء" القول في أداء الأمانات والودائع وغير ذلك. ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي ما في الخيانة من القبح والعار. وقيل: تعلمون أنها أمانة.