الخامس: قال أبو حنيفة: يقسم على ثلاثة: اليتامى والمساكين وابن السبيل. وارتفع عنده حكم قرابة رسول الله ﷺ بموته، كما ارتفع حكم سهمه. قالوا: ويبدأ من الخمس بإصلاح القناطر، وبناء المساجد، وأرزاق القضاة والجند، وروي نحو هذا عن الشافعي أيضا.
السادس: قال مالك: هو موكول إلى نظر الإمام واجتهاده، فيأخذ منه من غير تقدير، ويعطي منه القرابة باجتهاد، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين. وبه قال الخلفاء الأربعة، وبه عملوا. وعليه يدل قوله صلى الله عليه وسلم: (ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم). فإنه لم يقسمه أخماسا ولا أثلاثا، وإنما ذكر في الآية من ذكر على وجه التنبيه عليهم، لأنهم من أهم من يدفع إليه. قال الزجاج محتجا لمالك: قال الله عز وجل: ﴿يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [البقرة: ٢١٥] وللرجل جائز بإجماع أن ينفق في غير هذه الأصناف إذا رأى ذلك. وذكر النسائي عن عطاء قال: خمس الله وخمس رسوله واحد، كان رسول الله ﷺ يحمل منه ويضعه حيث شاء ويصنع به ما شاء.
الحادية عشرة: قوله تعالى: ﴿وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ ليست اللام لبيان الاستحقاق والملك، وإنما هي لبيان المصرف والمحل. والدليل عليه ما رواه مسلم أن الفضل بن عباس وربيعة بن عبدالمطلب أتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فتكلم أحدهما فقال: يا رسول الله، أنت أبر الناس، وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدي إليك كما يؤدي الناس، ونصيب كما يصيبون. فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه، قال: وجعلت زينب تلمع إلينا من وراء الحجاب ألا تكلماه، قال: ثم قال: "إن الصدقة لا تحل لآل محمد إنما هي أوساخ الناس ادعوا لي محمية - وكان على الخمس - ونوفل بن الحارث بن