الثانية: قوله تعالى :﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ نصب على الحال،
وفيه عشرة أقوال:
الأول: يذكر عن ابن عباس ﴿انْفِرُوا ثُبَاتٍ﴾ [النساء: ٧١:: سرايا متفرقين.
الثاني: روي عن ابن عباس أيضا وقتادة: نشاطا وغير نشاط.
الثالث: الخفيف: الغني، والثقيل: الفقير، قاله مجاهد.
الرابع: الخفيف: الشاب، والثقيل: الشيخ، قاله الحسن.
الخامس: مشاغيل وغير مشاغيل، قاله زيد بن علي والحكم بن عتبة.
السادس: الثقيل: الذي له عيال، والخفيف: الذي لا عيال له، قاله زيد بن أسلم.
السابع: الثقيل: الذي له ضيعة يكره أن يدعها، والخفيف: الذي لا ضيعة له، قاله ابن زيد. الثامن: الخفاف: الرجال، والثقال: الفرسان، قاله الأوزاعي.
التاسع: الخفاف: الذين يسبقون إلى الحرب كالطليعة وهو مقدم الجيش والثقال: الجيش بأثره. العاشر: الخفيف: الشجاع، والثقيل: الجبان، حكاه النقاش. والصحيح في معنى الآية أن الناس أمروا جملة أي انفروا خفت عليكم الحركة أو ثقلت. وروي أن ابن أم مكتوم جاء إلى رسول الله ﷺ وقال له: أعلي أن أنفر؟ فقال: "نعم" حتى أنزل الله تعالى ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: ٦١]. وهذه الأقوال إنما هي على معنى المثال في الثقل والخفة.
الثالثة: واختلف في هذه الآية، فقيل إنها منسوخة بقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى﴾ [التوبة: ٩١]. وقيل: الناسخ لها قوله: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢]. والصحيح أنها ليست بمنسوخة. روى ابن عباس عن أبي طلحة في قوله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ قال شبانا وكهولا، ما سمع الله عذر أحد. فخرج إلى الشام فجاهد حتى مات رضي الله عنه. وروى حماد عن ثابت وعلي بن زيد عن أنس أن أبا طلحة قرأ سورة [براءة] فأتى على هذه الآية ﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً﴾ فقال: أي بني جهزوني جهزوني فقال بنوه: يرحمك الله لقد غزوت مع النبي ﷺ حتى مات ومع أبي بكر حتى


الصفحة التالية
Icon