كمن حضرها إن شاء الله تعالى. فأما عثمان فإنه تخلف على رقية بنت رسول الله ﷺ بأمره من أجل مرضها. فضرب له رسول الله ﷺ بسهمه وأجره، فكان كمن شهدها. وأما طلحة بن عبيدالله فكان بالشام في تجارة فضرب له رسول الله ﷺ بسهمه وأجره، فيعد لذلك في أهل بدر. وأما سعيد بن زيد فكان غائبا بالشام أيضا فضرب له رسول الله ﷺ بسهمه وأجره. فهو معدود في البدريين. قال ابن العربي: أما أهل الحديبية فكان ميعادا من الله اختص به أولئك النفر فلا يشاركهم فيه غيرهم. وأما عثمان وسعيد وطلحة فيحتمل أن يكون أسهم لهم من الخمس، لأن الأمة مجمعة على أن من بقي لعذر فلا يسهم له.
قلت: الظاهر أن ذلك مخصوص بعثمان وطلحة وسعيد فلا يقاس عليهم غيرهم. وأن سهمهم كان من صلب الغنيمة كسائر من حضرها لا من الخمس. هذا الظاهر من الأحاديث والله أعلم. وقد روى البخاري عن ابن عمر قال: لما تغيب عثمان عن بدر فإنه كان تحته ابنة رسول الله ﷺ وكانت مريضة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه".
الخامسة والعشرون: قوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ﴾ قال الزجاج عن فرقة: المعنى فأعلموا أن الله مولاكم إن كنتم، فـ (إن) متعلقة بهذا الوعد. وقالت فرقة: إن (إن) متعلقة بقوله ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ﴾. قال ابن عطية: وهذا هو الصحيح، لأن قوله ﴿وَاعْلَمُوا﴾ يتضمن الأمر بالانقياد والتسليم لأمر الله في الغنائم، فعلق (إن) بقوله: ﴿وَاعْلَمُوا﴾ على هذا المعنى، أي إن كنتم مؤمنين بالله فانقادوا وسلموا لأمر الله فيما أعلمكم به من حال قسمة الغنيمة.
قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ﴾ (ما) في موضع خفض عطف على اسم الله ﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ﴾ أي اليوم الذي فرقت فيه بين الحق والباطل، وهو يوم بدر. ﴿يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ حزب الله وحزب الشيطان.﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon