وقال الراجز

فاضرب وجوه الغدر الأعداء حتى يجيبوك إلى السواء
وقال الكسائي: السواء العدل. وقد يكون بمعنى الوسط، ومنه قوله تعالى: ﴿فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٥٥]. ومنه قول حسان:
يا ويح أصحاب النبي ورهطه بعد المغيب في سواء الملحد
الفراء: ويقال ﴿فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ جهرا لا سرا.
الثالثة: روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة". قال علماؤنا رحمة الله عليهم: إنما كان الغدر في حق الإمام أعظم وأفحش منه في غيره لما في ذلك من المفسدة، فإنما إذا غدروا وعلم ذلك منهم ولم ينبذوا بالعهد لم يأمنهم العدو على عهد ولا صلح، فتشتد شوكته ويعظم ضرره، ويكون ذلك منفرا عن الدخول في الدين، وموجبا لذم أئمة المسلمين. فأما إذا لم يكن للعدو عهد فينبغي أن يتحيل عليه بكل حيلة، وتدار عليه كل خديعة. وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: "الحرب خدعة". وقد اختلف العلماء هل يجاهد مع الإمام الغادر، على قولين. فذهب أكثرهم إلى أنه لا يقاتل معه، بخلاف الخائن والفاسق. وذهب بعضهم إلى الجهاد معه. والقولان في مذهبنا.
الآية: ٥٩ ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي من أفلت من وقعة بدر سبق إلى الحياة. ثم استأنف فقال: ﴿إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ﴾ أي في الدنيا حتى يظفرك الله بهم. وقيل: يعني في الآخرة. وهو قول الحسن. وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة "يحسبن" بالياء والباقون بالتاء، على أن يكون في الفعل ضمير الفاعل. و ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مفعول أول. و﴿سَبَقُوا﴾ مفعول ثان. وأما قراءة الياء فزعم جماعة من النحويين منهم أبو حاتم


الصفحة التالية
Icon