الثانية: قرأ أبو عمرو وقالون في رواية بين الفتح والإسكان، على مذهبه في الإخفاء والاختلاس. الثالثة: قرأ ابن عامر وابن كثير وورش وابن محيصن "يَهَدِّي" بفتح الياء والهاء وتشديد الدال، قال النحاس: هذه القراءة بينة في العربية، والأصل فيها يهتدى أدغمت التاء في الدال وقلبت حركتها على الهاء.
الرابعة: قرأ حفص ويعقوب والأعمش عن أبي بكر مثل قراءة ابن كثير، إلا أنهم كسروا الهاء، قالوا: لأن الجزم إذا اضطر إلى حركته حرك إلى الكسر. قال أبو حاتم: هي لغة سفلى مضر. الخامسة: قرأ أبو بكر عن عاصم يِهِدِّي بكسر الياء والهاء وتشديد الدال، كل ذلك لاتباع الكسر كما تقدم في البقرة في ﴿يَخْطَفُ﴾ [البقرة: ٢٠] وقيل: هي لغة من قرأ ﴿نِسْتَعِينُ﴾، و﴿لَنْ تمِسَّنَا النَّارُ﴾ ونحوه. وسيبويه لا يجيز "يهِدّي" ويجيز "تهِدّي" و"نهِدّي" و"إهدي" قال: لأن الكسرة في الياء تثقل.
السادسة: قرأ حمزة والكسائي وخلف ويحيى بن وثاب والأعمش ﴿يَهْدِي﴾ بفتح الياء وإسكان الهاء وتخفيف الدال؛ من هدى يهدي. قال النحاس: وهذه القراءة لها وجهان في العربية وإن كانت بعيدة، وأحد الوجهين أن الكسائي والفراء قالا: ﴿يهدي﴾ بمعنى يهتدي. قال أبو العباس: لا يعرف هذا، ولكن التقدير أمن لا يهدي غيره، ثم الكلام، ثم قال: ﴿إلاَّ أَنْ يُهْدَى﴾ استأنف من الأول، أي لكنه يحتاج أن يهدى؛ فهو استثناء منقطع، كما تقول: فلان لا يسمع غيره إلا أن يسمع، أي لكنه يحتاج أن يسمع. وقال أبو إسحاق: ﴿فَمَا لَكُمْ﴾ كلام تام، والمعنى: فأي شيء لكم في عبادة الأوثان. ثم قيل لهم: ﴿كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ أي لأنفسكم وتقضون بهذا الباطل الصراح، تعبدون آلهة لا تغني عن أنفسها شيئا إلا أن يفعل بها، والله يفعل ما يشاء فتتركون عبادته؛ فموضع ﴿كَيْفَ﴾ نصب بـ ﴿تَحْكُمُونَ﴾.


الصفحة التالية
Icon