تعارف شفقة ورأفة وعطف. ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا أهوال يوم القيامة كما قال: ﴿وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً﴾ [المعارج: ١٠]. وقيل: يبقى تعارف التوبيخ؛ وهو الصحيح لقوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ﴾ إلى قوله ﴿وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [سبأ: ٣١ - ٣٣] وقوله: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف: ٣٨] الآية، وقوله: ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ [الأحزاب: ٦٧] الآية. فأما قوله: ﴿وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً﴾ وقوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ [المؤمنون: ١٠١] فمعناه لا يسأله سؤال رحمة وشفقة، والله أعلم. وقيل: القيامة مواطن. وقيل: معنى ﴿يَتَعَارَفُونَ﴾ يتساءلون، أي يتساءلون كم لبثتم؛ كما قال: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ [الصافات: ٢٧] وهذا حسن. وقال الضحاك: ذلك تعارف تعاطف المؤمنين؛ والكافرون لا تعاطف عليهم؛ كما قال: ﴿فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ﴾. والأول أظهر، والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾ أي بالعرض على الله. ثم قيل: يجوز أن يكون هذا إخبارا من الله عز وجل بعد أن دل على البعث والنشور، أي خسروا ثواب الجنة. وقيل: خبروا في حال لقاء الله؛ لأن الخسران إنما هو في تلك الحالة التي لا يرجى فيها إقالة ولا تنفع توبة. قال النحاس: ويجوز أن يكون المعنى يتعارفون بينهم، يقولون هذا. ﴿وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ بريد في علم الله.
الآية: ٤٦ ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ﴾ شرط. ﴿بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ أي من إظهار دينك في حياتك. وقال المفسرون: كان البعض الذي وعدهم قتل من قتل وأسر من أسر ببدر. ﴿أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ عطف على ﴿نُرِيَنَّكَ﴾ أي نتوفينك قبل ذلك. ﴿فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ جواب


الصفحة التالية
Icon