قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾ اختلف في هذه اللام، وأصح ما قيل فيها - وهو قول الخليل وسيبويه - أنها لام العاقبة والصيرورة؛ وفي الخبر "إن لله تعالى ملكا ينادي كل يوم لدوا للموت وابنوا للخراب". أي لما كان عاقبة أمرهم إلى الضلال صار كأنه أعطاهم ليضلوا. وقيل: هي لام كي أي أعطيتهم لكي يضلوا ويبطروا ويتكبروا. وقيل: هي لام أجل، أي أعطيتهم لأجل إعراضهم عنك فلم يخافوا أن تعرض عنهم. وزعم قوم أن المعنى: أعطيتهم ذلك لئلا يضلوا، فحذفت لا كما قال عز وجل: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾. والمعنى: لأن لا تضلوا. قال النحاس: ظاهر هذا الجواب حسن، إلا أن العرب لا تحذف "لا" إلا مع أن؛ فموه صاحب هذا الجواب بقوله عز وجل: ﴿أَنْ تَضِلُّوا﴾. وقيل: اللام للدعاء، أي ابتلهم بالضلال عن سبيلك؛ لأن بعده: ﴿اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ﴾. وقيل: الفعل معنى المصدر أي إضلالهم كقوله عز وجل ﴿لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ﴾ قرأ الكوفيون: ﴿لِيُضِلُّوا﴾ بضم الياء من الإضلال، وفتحها الباقون.
قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾ أي عاقبهم عل كفرهم بإهلاك أموالهم. قال الزجاج: طمس الشيء إذهابه عن صورته. قال ابن عباس ومحمد بن كعب: صارت أموالهم ودراهمهم حجارة منقوشة كهيئتها صحاحا وأثلاثا وأنصافا، ولم يبق لهم معدن إلا طمس الله عليه فلم ينتفع به أحد بعد. وقال قتادة: بلغنا أن أموالهم وزروعهم صارت حجارة. وقال مجاهد وعطية: أهلكها حتى لا ترى؛ يقال: عين مطموسة، وطمس الموضع إذا عفا ودرس. وقال ابن زيد: صارت دنانيرهم ودراهمهم وفرشهم وكل شيء لهم حجارة. محمد بن كعب: وكان الرجل منهم يكون مع أهله في فراشه وقد صارا حجرين؛ قال: وسألني عمر بن عبدالعزيز فذكرت ذلك له فدعا بخريطة أصيبت بمصر فأخرج منها الفواكه والدراهم والدنانير وإنها لحجارة. وقال السدي: وكانت إحدى الآيات التسع. ﴿وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ قال ابن عباس: أي امنعهم الإيمان. وقيل: قسها واطبع عليها حتى لا تنشرح للإيمان؛ والمعنى