أسرى قبل الإثخان. ولهم هذا الإخبار بقوله ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا﴾. والنبي ﷺ لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب، ولا أراد قط عرض الدنيا، وإنما فعله جمهور مباشري الحرب، فالتوبيخ والعتاب إنما كان متوجها بسبب من أشار على النبي ﷺ بأخذ الفدية. هذا قول أكثر المفسرين، وهو الذي لا يصح غيره. وجاء ذكر النبي ﷺ في الآية حين لم ينه عنه حين رآه من العريش وإذ كره سعد بن معاذ وعمر بن الخطاب وعبدالله بن رواحة، ولكنه عليه السلام شغله بغت الأمر ونزول النصر فترك النهي عن الاستبقاء، ولذلك بكى هو وأبو بكر حين نزلت الآيات. والله أعلم. روى مسلم من حديث عمر بن الخطاب، وقد تقدم أول في "آل عمران" وهذا تمامه. قال أبو زميل: قال ابن عباس فلما أسروا الأسارى قال رسول الله ﷺ لأبي بكر وعمر: "ما ترون في هؤلاء الأسارى"؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ترى يا ابن الخطاب"؟ قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان (نسيبا لعمر) فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوي رسول الله ﷺ ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله ﷺ وأبو بكر قاعدين يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة" (شجرة قريبة كانت من نبي الله صلى الله عليه وسلم) وأنزل الله عز وجل ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً﴾ [الأنفال: ٦٩] فأحل الله الغنيمة لهم. وروى يزيد بن هارون