والثانية: أن نخاف منهم غدرا، فننبذ إليهم عهدهم كما سبق. ابن عباس: والآية منسوخة فإن النبي ﷺ عاهد ثم نبذ العهد لما أمر بالقتال.
الآية: ٣ ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
فيه ثلاث مسائل:-
الأولى: قوله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ﴾ الأذان: الإعلام لغة من غير خلاف. وهو عطف على ﴿بَرَاءَةٌ﴾. ﴿إِلَى النَّاسِ﴾ الناس هنا جميع الخلق. ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ ظرف، والعامل فيه ﴿أََذَانٌ﴾. وإن كان قد وصف بقوله: ﴿مِنَ اللَّهِ﴾، فإن رائحة الفعل فيه باقية، وهي عاملة في الظروف. وقيل: العامل فيه ﴿مُخْزِي﴾ ولا يصح عمل ﴿أَذَانٌ﴾، لأنه قد وصف فخرج عن حكم الفعل.
الثانية: واختلف العلماء في الحج الأكبر، فقيل: يوم عرفة. روي عن عمر وعثمان وابن عباس وطاوس ومجاهد. وهو مذهب أبي حنيفة، وبه قال الشافعي. وعن علي وابن عباس أيضا وابن مسعود وابن أبي أوفى والمغيرة بن شعبة أنه يوم النحر. واختاره الطبري. وروى ابن عمر أن رسول الله ﷺ وقف يوم النحر في الحجة التي حج فيها فقال: "أي يوم هذا" فقالوا: يوم النحر فقال: "هذا يوم الحج الأكبر". أخرجه أبو داود. وخرج البخاري عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى: لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. ويوم الحج الأكبر يوم النحر. وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس: الحج الأصغر. فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه النبي ﷺ مشرك. وقال ابن أبي أوفى: يوم النحر يوم الحج الأكبر، يهراق فيه الدم، ويوضع فيه الشعر، ويلقى فيه التفث،


الصفحة التالية
Icon