والرهط. ﴿إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ لم يريدوا ضلال الدين، إذ لو أرادوه لكانوا كفارا؛ بل أرادوا لفي ذهاب عن وجه التدبير، في إيثار اثنين على عشرة مع استوائهم في الانتساب إليه. وقيل: لفي خطأ ببن بإيثاره يوسف وأخاه علينا.
قوله تعالى: ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ في الكلام حذف؛ أي قال قائل منهم: ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ ليكون أحسم لمادة الأمر. ﴿أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً﴾ أي في أرض، فأسقط الخافض وانتصب الأرض؛ وأنشد سيبويه فيما حذف منه "في":

لدن بهز الكف يعسل متنه فيه كما عسل الطريق الثعلب
قال النحاس: إلا أنه في الآية حسن كثير؛ لأنه يتعدى إلى مفعولين، أحدهما بحرف، فإذا حذفت الحرف تعدى الفعل إليه. والقائل قيل: هو شمعون، قال وهب بن منبه. وقال كعب الأحبار؛ دان. وقال مقاتل: روبيل؛ والله أعلم. والمعنى أرضا تبعد عن أبيه؛ فلا بد من هذا الإضمار لأنه كان عند أبيه في أرض. ﴿يَخْلُ﴾ جزم لأنه جواب الأمر؛ معناه: يخلص ويصفو. ﴿لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ فيقبل عليكم بكليته. ﴿وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ﴾ أي من بعد الذنب، وقيل: من بعد يوسف. ﴿قَوْماً صَالِحِينَ﴾ أي تائبين؛ أي تحدثوا توبة بعد ذلك فيقبلها الله منكم؛ وفي هذا دليل على أن توبة القاتل مقبولة، لأن الله تعالى لم ينكر هذا القول منهم. وقيل: ﴿صَالِحِينَ﴾ أي يصلح شأنكم عند أبيكم من غير أثرة ولا تفضيل.
الآية: ١٠ ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾


الصفحة التالية
Icon