الآية: ٣٩ ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾
الآية: ٤٠ ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ إِلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾
قوله تعالى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ﴾ أي يا ساكني السجن؛ وذكر الصحبة لطول مقامهما فيه، كقولك: أصحاب الجنة، وأصحاب النار. ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ﴾ أي في الصغر والكبر والتوسط، أو متفرقون في العدد. ﴿خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ وقيل: الخطاب لهما ولأهل السجن، وكان بين أيديهم أصنام يعبدونها من دون الله تعالى، فقال ذلك إلزاما للحجة؛ أي آلهة شتى لا تضر ولا تنفع. "خير أم الله الواحد القهار" الذي قهر كل شيء. نظيره: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل: ٥٩]. وقيل: أشار بالتفرق إلى أنه لو تعدد الإله لتفرقوا في الإرادة ولعلا بعضهم على، بعض، وبين أنها إذا تفرقت لم تكن آلهة.
قوله تعالى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً﴾ بين عجز الأصنام وضعفها فقال: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ أي من دون الله إلا ذوات أسماء لا معاني لها. ﴿سَمَّيْتُمُوهَا﴾ من تلقاء أنفسكم. وقيل: عنى بالأسماء المسميات؛ أي ما تعبدون إلا أصناما ليس لها من الإلهية شيء إلا الاسم؛ لأنها جمادات. وقال: ﴿مَا تَعْبُدُونَ﴾ وقد ابتدأ بخطاب الاثنين؛ لأنه قصد جميع من هو على مثل حالهما من الشرك. ﴿إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ﴾ فحذف، المفعول الثاني للدلالة؛ والمعنى: سميتموها آلهة من عند أنفسكم. ﴿مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ ذلك في كتاب. قال سعيد بن جبير: ﴿مِنْ سُلْطَانٍ﴾ أي من حجة. ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ﴾ الذي هو خالق الكل. ﴿أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ تعبدوه وحده ولا تشركوا معه غيره. ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ أي القويم. ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾


الصفحة التالية
Icon