وإذا تكلم به وقع، على ما ورد في أخباره؛ وهي كثيرة؛ منها: أنه دخل عليه رجل فقال له: أظنك كاهنا فكان كما ظن؛ خرجه البخاري. ومنها: أنه سأل رجلا عن اسمه فقال له فيه أسماء النار كلها، فقال له: أدرك أهلك فقد احترقوا، فكان كما قال: خرجه الموطأ. وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة "الحجر" إن شاء الله تعالى.
الآية: ٤٢ ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾
فيه خمس مسائل:-
الأولى:- قوله تعالى: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ﴾ "ظن" هنا بمعنى أيقن، في قول أكثر المفسرين وفسره قتادة على الظن الذي هو خلاف اليقين؛ قال: إنما ظن يوسف نجاته لأن العابر يظن ظنا وربك يخلق ما يشاء؛ والأول أصح وأشبه بحال الأنبياء وأن ما قاله للفتيين في تعبير الرؤيا كان عن وحي، وإنما يكون ظنا في حكم الناس، وأما في حق الأنبياء فإن حكمهم حق كيفما وقع.
الثانية :- ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ أي سيدك، وذلك معروف في اللغة أن يقال للسيد رب؛ قال الأعشى:
ربي كريم لا يكدر نعمة | وإذا تنوشد في المهارق أنشدا |