فيه الحارث بن أسامة زيادة تساوي رحلة؛ عن النبي ﷺ قال: "وهى النخلة لا تسقط لها أنملة وكذلك المؤمن لا تسقط له دعوة ". فبين معنى الحديث والمماثلة
قلت: وذكر الغزنوي عنه عليه السلام: "مثل المؤمن كالنخلة إن صاحبته نفعك وإن جالسته نفعك وإن شاورته نفعك كالنخلة كل شيء منها ينتفع به". وقال: "كلوا من عمتكم" يعني النخلة خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام، وكذلك أنها برأسها تبقي، وبقلبها تحيا، وثمرها بامتزاج الذكر والأنثى. وقد قيل: إنها لما كانت أشبه الأشجار بالإنسان شبهت به؛ وذلك أن كل شجرة إذا قطع رأسها تشعبت الغصون من جوانب، والنخلة إذا قطع رأسها يبست وذهبت أصلا؛ ولأنها تشبه الإنسان وسائر الحيوان في الالتقاح لأنها لا تحمل حتى تلقح قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة". والإبار اللقاح وسيأتي في سورة "الحجر" بيانه. ولأنها من فضلة طينة آدم. ويقال: إن الله عز وجل لما صور آدم من الطين فضلت قطعة طين فصورها بيده وغرسها في جنة عدن. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكرموا عمتكم" قالوا: ومن عمتنا يا رسول الله؟ قال: "النخلة". ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ قال الربيع: "كل حين" غدوة وعشية كذلك يصعد عمل المؤمن أول النهار وآخره؛ وقاله ابن عباس. وعنه ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ قال: هو شجرة جوزة الهند لا تتعطل من ثمرة، تحمل في كل شهر، شبه عمل المؤمن لله عز وجل في كل وقت: لنخلة التي تؤتي أكلها في أوقات مختلفة. وقال الضحاك: كل ساعة من ليل أو نهار شتاء وصيفا يوكل في جميع الأوقات، وكذلك المؤمن لا يخلو من الخير في الأوقات كلها. وقال النحاس: وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة، لأن الحين عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره، وأنشد الأصمعي بيت النابغة:
تناذرها الراقون من سوء سمها...
تطلقه حينا وحينا تراجع