أقوال عديدة ساقها العلماء حول مفهوم الأحرف السبعة، التى تواترت الأحاديث فى إثبات أن القرآن نزل عليها، الأمر الذى جعل بعض العلماء يفر من ميدان النزال، ويقول: إن الحديث مشكل.
أقول: الأقوال الواردة فى هذا المقام أكثرها لا تستحق لضعفها أن نعول عليها فى مقامنا هذا، ويكفينا هنا أن نشير إلى ما يستحق الذكر، ويستأهل أن ينظر إليه بعين الاعتبار، وذلك متوافر فى رأيين:
أحدهما : هو ما ذكره أبو الفضل الرازى وقاربه فيه كل من ابن قتيبة وابن الجزرى.
وحاصله أن الأحرف السبعة هى سبعة أوجه لا يخرج عنها الاختلاف فى القراءات وهى:
١- اختلاف الأسماء من إفراد، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث.
٢- اختلاف تصريف الأفعال من ماضى ومضارع وأمر.
٣- اختلاف وجوه الإعراب.
٤- الاختلاف بالنقص والزيادة.
٥- الاختلاف بالتقديم والتأخير.
٦- الاختلاف بالإبدال.
٧- اختلاف اللغات - أى اللهجات - كالفتح والإمالة، والتفخيم، والترقيق، والإظهار والإدغام.
وقد تعصب لهذا الرأى صاحب المناهل وساق الأمثلة لكل وجه من الوجوه المذكورة، ورجحه على غيره مقرراً أنه الرأى الذى تؤيده الأحاديث الواردة فى المقام، وأنه الرأى المعتمد على الاستقراء التام دون غيره......... (١)، وقد دافع عنه أيما دفاع بالرد على كل اعتراض وجه إليه، وإن بدا عليه التكلف فى بعض هذه الردود، ومن ذلك رده على الاعتراض الثالث الذى وجه إليه.
وحاصل الاعتراض أن الرخصة فى التيسير على الأمة بناءً على هذا الرأى غير واضحة، فأين اليسر فى قراءة الفعل المبنى للمجهول أو للمعلوم ؟ هنا ظهر التكلف على الشيخ فى الرد(٢) - من وجهة نظرى-.

(١) ينظر مناهل العرفان ١ / ١٥٥ - ١٥٧
(٢) ينظر مناهل العرفان ١ / ١٦٥، ١٦٦


الصفحة التالية
Icon