المعجز بل هو في ذلك يُعجزها جميعاً ويخرج عن طوقِ أهلها لمان تساندوا فيه، وإنَّما جهدُ ما تبلغه تلك اللغات أن تجيء بشبه معانيه، قصداً في بعضها ومقاربة في بعضها مع الاستعانة بالشرح المبسوط والعبارة الملونة، وعلى أنه ليس ضرباً من ضروب الصناعات اللفظية التي لا يتفق فيها أن
تنقل من لغة إلى لغة وإن من أعجب ما يحقق الإعجاز أن معاني هذا الكتاب الكريم لو ألبست ألفاظاً أخرى من
نفس العربية، ما جاءت في نمطها وسمتها والإبلاغ عن ذات المعنى لا في حكم الترجمة، ولو تولى ذلك أبلغ بلغائها ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً؛ فقد ضاقت اللغة عنده على سعتها؛ حتى
ليس فيها لمعانيه غير ألفاظه باعيانها وتركيبها، ومتى كانت المعارضة والترجمة سواء إلا في المعجز الذي يساوي بين القوى في المعجز وهي بعد في ذات بينها مختلفات؟