ما ينقاد، وبعضها مما يستكرَه؛ ثم النفوسُ مختلفة على حسب ذلك جماماً ونشاطاً أو ضعفاً وتخاذلاً، ومهما يكن في آثارها من بلاغة المعاني وإحكامها ورونق العبارة ونظامها، فإن نفساً أنفذ من نفس، وحساً أدق من حس، وقوة أبلغ من قوة، وإحاطة أوسعُ من إحاطة.
ومن ههنا نجد العبارة البليغة الواحدة كثيراً ما تقع المواقعَ المختلفة على طبقات متعددة في أهل النظر حين يتأملونها ويصفونها، فإن بقيت على بلاغتها مع جميعهم لم يردَّها أحد ولا أنكرها، فلا بد من اختلاف هذه البلاغة حينثذ حتى تكون عند أقواهم كأنها ما هي عند أضعفهم،
وحتى يخيل إلى الضعيف أن القوفي إنما يتعت في حكمه ويذهب بنفسه مذهب قوته، ويخيل إلى هذا القوي أن الضعيف لا يمحض نفسه ولا يستقصي في نظره ولا يقول بعلم؛ ولكل وجهة هو موليها،
وإنما اختلافُ بينهم من حيث اختلفت القوى.
***


الصفحة التالية
Icon