صفحة رقم ١١١
وقوله :) اذْكُروا نِعْمَتِيَ ( والذكر اسم مشترك، فالذكر بالقلب ضد النسيان، والذكر باللسان ضد الإنصات، والذكر الشرف، وقال الكسائي : ما كان بالقلب فهو مضموم الذال، وقال غيره : هو لغتان : ذِكر وذُكر، ومعناهما واحد.
والمراد بالآية الذكر بالقلب، وتقديره : لا تغفلوا عن نعمتي، التي أنعَمْتُ عليكم ولا تَنَاسَوْها.
وفي النعمة التي أنعمها عليهم قولان :
أحدهما : عموم نِعَمِهِ الَّتي أنعم بها على خلْقِهِ، كما قال تعالى :) وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا ( " [ النحل : ١٨ ].
والثاني : وهو قول الحسن البصري، أنه أراد نِعَمَهُ عَلَى آبائهم، إذ نجَّاهم من آل فرعون، وجعل منهم الأنبياء، وأنزل عليهم الكتب، وفجَّر لهم الحَجَرَ، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى، والنعم على الآباء، نعم على الأبناء، لأنهم يَشْرُفون بشرف آبائهم.
وفي قوله تعالى :) وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ( قولان :
أحدهما : أوفوا بعهدي الذي أخذتُ عليكم من الميثاق، أن تؤمنوا بي وتصدقوا رُسُلي، أُوفِ بعهدكم على ما وعدتكم من الجنة.
والثاني : قاله عبد الله بن عباس : أَوْفُوا بما أَمَرْتُكم، أُوفِ بما وَعَدْتُكم إِيَّاهُ.
وفي تسمية ذلك عهداً قولان :
أحدهما : لأنه عَهْدُهُ في الكتب السالفةِ.
والثاني : أنه جعله كالعهد، الذي هو يمين لِلُزُوم الوفاءِ بهما معاً.
قوله عز وجل :) وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ ( يعني من القرآن على محمد ( ﷺ )، ) مُصَدٍِّقاً لِمَا مَعَكُمْ ( يعني من التوراة، وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : مصدقاً لما في التوراة، من توحيد الله وطاعته.
والثاني : مصدقاً لما في التوراة، أنها من عند الله.
والثالث : مصدقاً لما في التوراة من ذكر القرآن، وبَعْثِهِ مُحمداً ( ﷺ ) نبيّاً.


الصفحة التالية
Icon