صفحة رقم ١١٨
كُنَيَ عنه قيل أهله، ولم يُقَلْ آله، كما يقال : أهل العلم، وأهل البصرة، ولا يقال : آل العلم، وآل البصرة.
وفِرْعَوْنُ : قيل إنه ذلك الرجل بعينه، وقيل إنه اسمُ كلِّ ملكٍ من ملوك العمالقة، مثل قيصر للروم، وكسرى للفرس، وأن اسْمَ فِرْعَوْنِ مَوسَى : الوليدُ بنُ مُصْعَبٍ.
وفي قوله تعالى :) يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ( ثلاثةُ تأويلاتٍ :
أحدها : معناه يولونكم، مِنْ قولهم : سَامَهُ خطة خَسْفٍ، إذا أولاه.
والثاني : يُجَشِّمُونَكُمُ الأعمال الشَّاقَّة.
والثالث : يزيدونكم على سوء العذاب، ومنه مساومة البيع، إنما هو أن يزيد البائعُ المشتريَ على ثمنٍ، ويزيد المشتري على ثمنٍ، وهذا قول المفضل.
قوله تعالى :) وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ( أي يستبقون، وهو استفعال من الحياة، لأنهم كانوا يُذَبِّحُونَ الذكور، ويستبقون الإناث.
وأما اسم النساء، فقد قيل : إنه ينطلق على الصغار، والكبار، وقيل : بل ينطلق على الكبار، وإنما سَمَّي الصغار نساءً، على معنى أنهُنَّ يبقِين، حتَّى يصِرْنَ نساءً.
وإنما كان استبقاءُ النساء من سوء العذاب، لأنهم كانوا يستبقونهن للاسترقاق والخدمة، فصار ذلك هو سُوءَ العذاب، لا الاستبقاء.
وفي قوله تعالى :) وَفِي ذَلِكُم بَلاَءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ( تأويلان :
أحدهما : أن فيما كانوا يفعلونه بهم : مِنْ سوء العذاب، وذبح الأبناء، واستحياء النساءِ شدةً وجهداً عظيماً.
والثاني : أن في إنجائهم من آل فرعونَ، الذين كانوا يفعلون ذلك بهم نعمةٌ من ربِّهم عظيمةٌ، وهو قول ابن عباسٍ، ومجاهدٍ، والسدي.
وأصل البلاء الاختبار في الخير والشر، كما قال عز وجل :) وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ( " [ الأنبياء : ٣٥ ] لأن الاختبار قد يكون بالخير كما


الصفحة التالية
Icon