صفحة رقم ١٢٢
والرابع : أن الفرقان : انفراق البحر لِبَنِي إسرائيلَ، حتى عبروا فيه.
( البقرة :( ٥٤ ) وإذ قال موسى.....
" وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم " ( قوله عز وجل :) فَتُوبُوا إلى بَارِئِكُمْ ( يعني : فارجعوا إلى طاعة خالقكم، والبارئ الخالق، والبريَّة الخلق، وهي فعيلة، بمعنى مفعولة، غير أنها لا تهمز.
واختلفوا في هذه التسمية على أربعة أقاويل :
أحدها : أنها مأخوذة من برأ اللهُ الخلْق، يبرَؤُهُم برءاً.
والثاني : أنها فعلية من البرء، وهو التراب.
والثالث : أنها مأخوذة من برئ الشيء من الشيء، وهو انفصاله عنه، ومنه البراءة من الدين لانفصاله عنه، وأبرأه الله من المرض، إذا أزاله عنه.
وقوله تعالى :) فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ( فيه تأويلان :
أحدهما : معناه : ليقتل بعضكم بعضاً، وهذا قول ابن عباس، وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهد.
والثاني : استسلموا للقتل، وجعل ذلك بمنزلة القتل، وهذا قول أبي إسحاق.
وأصل القتل : إماتةُ الحركة، ومنه : قتلت الخمر بالماء، إذا مَزَجتها، لأنك أمتَّ حركتها، وإنما جُعل القتل توبة، لأن من كفَّ عن الإنكار لعبادة العجل، إنما كف خوفاً من القتال والقتل، فجُعِلَت توبتهم بالقتل، الذي خافوه، هكذا قال ابن جريج.
قال ابن عباسٍ : احْتَبَى الَّذِين عكفوا على العجل فجلسوا، وقام الذين لم يعكُفُوا عليه، وأخذوا الخناجر، وأصابتهم ظلمة فجعل بعضهم يقتل بعضاً، حتى


الصفحة التالية
Icon