صفحة رقم ١٣٠
وفي قوله تعالى :) وَباءُو بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ( ثلاثة تأويلات :
أحدها : وهو قول أبي العباس المَبِّرد : أن أصل ذلك : المنزلة، ومعناه أنهم نزلوا بمنزلة غضب الله، ورُوي : أن رجلاً جاء برجلٍ إلى النبيِّ ( ﷺ )، فقال : هذا قاتل أخي، قال ( فَهُوَ بَوَاءٌ بِهِ ) أي أنه مقتول، فيصير في منزلته، وتقول ليلى الأخيليَّةُ :
فَإِنْ يَكُنِ الْقَتْلَى بَوَاءً فَإِنَّكُمْ
فَتىً مَا قَتَلْتُمْ آلَ عَوْفِ بْنِ عَامِرِ
والثاني : وهو قول أبي إسحاق الزجّاج : أن أصل ذلك التسوية، ومعناه : أنهم تساووا بغضب من الله، ومنه ما يروى عن عبادة بن الصامت قال :( جعل الله الأنفال إلى نبيِّه ( ﷺ )، فقسمها بينهم على بَوَاءٍ )، أي على سواء بينهم في القسم.
والثالث : وهو قول الكسائي، أن معناه أنهم رجعوا بغضب من الله، قال : البواء : الرجوع، إلا أنه لا يكون رجوعاً إلا بشيء : إمَّا بشرٍّ، وإِمَّا بخيرٍ.
وفي قوله تعالى :) وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ( قولان :
أحدهما : أن الله عز وجل ؛ إنما جاز أن يُخَلِّيَ بين الكُفَّار وقتلِ الأنبياء، لينالوا من رفيع المنازل ما لا ينالونه بغيره، وليس ذلك بخذلان لهم، كما يفعل بالمؤمنين من أهل طاعته. والثاني : وهو قول الحسن، أن الله عز وجل، ما أمر نبيّاً بالحرب إلا نَصَرَهُ فلم يُقتَلْ، وإنما خلَّى بين الكفار وبين قتل مَنْ لم يؤمر بالقتال مِنَ الأنبياء.
و ( الأنبياء ) جمعُ ( نبيٍّ ) وقد جاء في جمع ( نبيٍّ ) :( نُبَّاء )، قال العباس ابن مرداس السُّلمي، يمدح النبيَّ ( ﷺ ) :