صفحة رقم ١٥٠
والثاني : أنَّ الأُمّيين : قوم لم يصدقوا رسولاً أرسله الله، ولا كتاباً أنزله الله، وكتبوا كتاباً بأيديهم، وقال الجهال لقومهم : هذا من عند الله، وهذا قول ابن عباس.
وفي تسمية الذي لا يكتب بالأمي قولان :
أحدها : أنه مأخوذ من الأمة، أي على أصل ما عليه الأمّة، لأنه باق على خلقته من أنه لا يكتب، ومنه قول الأعشى :
وإنّ معاويةَ الأكرمين
حسانُ الوجوه طوال الأمَمْ
والثاني : أنه مأخوذ من الأُم، وفي أخذه من الأُم تأويلان :
أحدهما : أنه مأخوذ منها، لأنه على ما ولدته أُمُّهُ من أنه لا يكتب.
والثاني : أنه نُسِبَ إلى أُمّهِ، لأن الكتاب في الرجال دون النساء، فنسب من لا يكتب من الرجال إلى أمه، لجهلها بالكتاب دونه أبيه.
وفي قوله تعالى :) لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ ( أربعة تأويلات :
أحدها : إِلاَّ أَمَانِيَّ : يعني : إلا كذباً، قاله ابن عباس ومجاهد، قال الشاعر :
ولكنما ذاك الذي كان منكما
أمانّي ما لاقت سماء ولا أرضا
والثاني : إِلاَّ أَمَانِيَّ، يعني، أنهم يَتَمَنَّونَ على الله ما ليس لهم، قاله قتادة.
والثالث : إِلاَّ أَمَانِيَّ، يعني [ إلا أماني يعني إلا تلاوة من غير فهم قاله الفراء والكسائي ومنه قوله تعالى :) إلاَّ إذَا تَمَنَّى ألْقَى الشيْطَانُ في أمنيِّتِه ( " [ سورة الحج : ٥٢ ] يعني ألقى الشيطانُ في أُمنيِّتِه، وقال كعب بن مالك :
تمنّى كتاب الله أول ليلهِ وآخرَه لاقي حمام المقادر
والرابع : أنَّ الأَمَانِيَّ : التقدير، حكاه ابن بحر وأنشد قول الشاعر :
ولا تقولَنْ لشيء سوف أفعله
حتى تَبَيّنَ ما يمني لك الماني
وإلا ) : في هذا الموضع بمعنى ( لكن ) وهو عندهم من الاستثناء المنقطع