صفحة رقم ١٩٣
أحدها : أن ذلك سفّه نفسه، أي فَعَلَ بها من السفه ما صار به سفيهاً، وهذا قول الأخفش.
والثاني : أنها بمعنى سفه في نفسه، فحذف حرف الجر كما حذف من قوله تعالى :) وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ ( أي عَلَى عقدة النكاح، وهذا قول الزجَّاج.
والثالث : أنها بمعنى أهلك نفسه وأوْبَقَهَا، وهذا قول أبي عبيدة.
قال المبرِّد وثعلب : سَفِه بكسر الفاء يتعدى، وسفُه بضم الفاء لا يتعدى.
) وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ( أي اخترناه، ولفظه مشتق من الصفوة، فيكون المعنى : اخترناه في الدنيا للرسالة.
) وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ( لنفسه في إنجائها من الهلكة.
قوله تعالى :) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ( الهاء كناية ترجع إلى الملة لتَقَدُّم قولهِ :) وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهيمَ ( ووصّى أبلغ من أوصى، لأن أوصى يجوز أن يكون قاله مرة واحدة، وَوَصَّى لا يكون إلا مراراً. ) وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ( والمعنى أن إبراهيم وَصَّى، ثم وَصَّى بعده يعقوبُ بَنِيهِ، فقالا جميعاً :) يَا بَنِيَّ إنَّ الله اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ( يعني اختار لكم الدين، أي الإسلام، ) فَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُمْ مُسْلِمُونَ ( فإن قيل : كيف يُنْهَونَ عن الموت وليس من فعلهم، وإنما يُمَاتُون ؟ قيل : هذا في سعة اللغة مفهوم المعنى، لأن النهي تَوَجَّهَ إلى مفارقة الإسلام، لا إلى الموت، ومعناه : الزموا الإسلام ولا تفارقوه إلى الموت.
( البقرة :( ١٣٣ - ١٣٥ ) أم كنتم شهداء.....
" أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها