صفحة رقم ٢٠٢
شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون " ( قوله تعالى :) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّمَآءِ ( هذه الآية متقدمة في النزول على قوله تعالى :) سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِن النَّاسِ (.
وفي قوله :) تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّمَاءِ ( تأويلان :
أحدهما : معناه : تحول وجهك نحو السماء، وهذا قول الطبري.
والثاني : معناه : تقلب عينيك في النظر إلى السماء، وهذا قول الزجاج.
) فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبلةً تَرضاها ( يعني الكعبة كان رسول الله ( ﷺ ) يرضاها ويختارها ويسأل [ ربه ] أن يُحوَّل إليها.
واختُلِفَ في سبب اختياره لذلك على قولين :
أحدهما : مخالفة اليهود وكراهة لموافقتهم، لأنهم قالوا : تتبع قبلتنا وتخالفنا في ديننا ؟ وبه قال مجاهد، وابن زيد.
والثاني : أنه اختارها، لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم، وبه قال ابن عباس.
فإن قيل : أكان رسول الله ( ﷺ ) غير راض ببيت المقدس أن يكون له قبلة، حتى قال تعالى له في الكعبة ) فَلَنُوَلِّيَنَّكْ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ( ؟ قيل : لا يجوز أن يكون رسول الله غير راض ببيت المقدس، لَمَّا أمره الله تعالى به، لأن الأنبياء يجب عليهم الرضا بأوامر الله تعالى، لكن معنى ترضاها : أي تحبها وتهواها، وإنما أحبها مع ما ذكرنا من القولين الأولين، لما فيها من تآلف قومه وإسراعهم إلى إجابته، ويحتمل أن يكون قوله :) تَرْضَاهَا ( محمولاً على الحقيقة بمعنى : ترضى ما يحدث عنها من التأليف، وسرعة الإجابة، ثم قال تعالى مجيباً لرغبته وآمراً بطَلِبَتِه :) فَولِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ( أي حَوِّلْ وجهك في الصلاة، شطر المسجد الحرام أي : نحو المسجد الحرام، كما قال الهذلي :


الصفحة التالية
Icon